غزة-دنيا الوطن
تُخصِّص اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركيّة تقريرًا مطولاً للحديث عن
التأثيرات الإيجابيّة التي خلَّفتها حملة ترشح محمد البرادعي، الرئيس
السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لانتخابات الرئاسة على المغتربين
المصريين، وخصوصًا الذين يقيمون في الولايات المتحدة، حيث أكدت أن "رسالة
التغيير" التي تضمنتها حملة البرادعي قبيل انتخابات الرئاسة المزمع
إجراؤها في أيلول/ سبتمبر عام 2011، قد حوَّلت هؤلاء المغتربين إلى نشطاء
غير متوقعين من أجل الديمقراطية المصرية.
وفي مستهل حديثها، تعرض المجلة الأميركية إلى حقيقة حالة الاهتمام التي
يبديها خلال الآونة الأخيرة المغتربون المصريون تجاه حملة البرادعي
الرئاسية، على الرغم من عدم اكتراث بعضهم من الأساسي بالشأن السياسي. ثم
تتابع بقولها إنه وعند ظهور البرادعي على الساحة السياسية في مصر خلال شهر
كانون الثاني / يناير الماضي باعتباره مرشحاً قويًا أمام الرئيس مبارك،
بات المغتربون المصريون أكثر إيمانًا برسالة البرادعي، التي تتمثل في
الإصلاح الدستوري، ومن ثم إنهاء حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد منذ 29
عاماً، وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.
وفي هذا الجانب، تقول المجلة إنه إذا ما سار الوضع الحالي على ما هو عليه،
فإن انتخابات 2011 ستصادق تلقائيًا على استمرار بقاء الرئيس مبارك في
السلطة. وعلى الرغم من ذلك، تلفت المجلة إلى أن البرادعي ما زال يسعى
جاهدًا إلى إجراء تعديلات دستورية تعنى بإزالة القيود التي تفرض نفسها على
الواقع السياسي في البلاد. وترى فورين بوليسي أنه إذا ما نجح البرادعي في
حشد الرأي العام إلى جانبه، فإنه قد يكون قادرًا على إحداث تغيير سياسي
حقيقي في مصر.
ثم تشير إلى أن هناك جانباً مهماً في نظام سياسته الإصلاحية موجه إلى
المغتربين المصريين، يتمثل في دعوته جميع المصريين الذين يعيشون في الخارج
( وتتراوح أعدادهم ما بين 3 إلى 5 ملايين شخص ) لكي يُمنَحوا الحق في
التصويت في انتخابات يراقبها المجتمع الدولي.
ويقول الأشخاص الذين يدعمون منح المغتربين المصريين الحق في التصويت إن
تلك التغييرات ستكون ترياقًا مُرحَّبًا به لتاريخ البلاد الحافل
بالانتخابات المزورة. ثم تعرض المجلة للنشاطات التي قام بها بعض المصريين
المقيمين في الولايات المتحدة، عند قدوم البرادعي في نيسان/ أبريل الماضي
إلى بوسطن لإلقاء كلمة في جامعة هارفارد عن منع انتشار السلاح النووي، حيث
روجوا لتلك الزيارة بشكل كبير عن طريق موقع التعارف الاجتماعي، فيس بوك،
وهو ما حقق وقتها أصداءً جيدة هناك.
وفي سياق متصل، تمضي المجلة واسعة الانتشار لتنقل عن الناشط المنفي سعد
الدين إبراهيم، مؤسس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، قوله :" إن
القادة هم وجوه شابة وجديدة، وهذا يتماشى مع ما يحدث الآن في مصر. فهناك
صحوة وزيادة في الوعي بين الشباب المصري بشأن ما يحدث على الصعيد السياسي،
وما تراه في أميركا هو امتداد لذلك".
وأضاف إبراهيم في تصريحات أدلى بها للمجلة خلال اجتماعات كان يجريها مع
محررين من صحيفة واشنطن بوست ومستشارة مجلس الأمن القومي سامانثا باور :"
لدينا الكثير من الأصدقاء في مناصب رفيعة المستوى بالكونغرس ولجان
الاعتمادات بمجلسي النواب والشيوخ. بعضهم كانوا طلابي في الجامعة
الأميركية بالقاهرة". وهو التصريح الذي علّقت عليه المجلة بالقول إن مثل
هذه العلاقات الشخصية لا يمكنها أن تضمن لحركة الإصلاح المصرية – في ظل
مساعي البرادعي أو غيره من الأشخاص – الحصول مستقبلًا على استقبال حار في
واشنطن.
ثم تمضي المجلة لتنقل في السياق ذاته عن سامر شحاتة، أستاذ السياسة
العربية في جامعة جورج تاون، قوله : "إذا ما تمكن المغتربون من تنظيم
صفوفهم وتحولوا إلى منظمة واحدة أو منظمتين كبيرتين .. فسيكون بمقدورهم
التواصل بصوت عال وواضح مع الكونغرس والرئيس والإعلام الأميركي معبرين عن
عدم رضاهم عن سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر. فبإمكانهم أن يجددوا
النقاش، الذي يعد نقاشاً مهماً، عن الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه السياسة
الأميركية تجاه مصر".
وهي الخطوة التي يسعى إلى تحقيقها بالفعل بعض من الناشطين الأميركيين ذوي
الأصول المصرية، كما أكد مختار كامل، نائب رئيس تحالف المنظمات المصرية.
في الوقت الذي يحاول فيه الناشطون عبر مواقع الإنترنت أن يسلكوا النهج
نفسه من أجل خلق هذا النوع من التأثير الامتدادي، من منطلق أنك إذا قمت
بالتأثير على ما يحدث في الولايات المتحدة، فإن ذلك يتحول إلى تأثير على
ما يحدث في مصر، والعكس بالعكس، وفقاً لما قاله كامل.