دار الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول مصير والدى الرسول صلى الله عليه وسلم.. العلماء أجمعوا
بأنهما ناجيان من النار ومن قال بكفرهما ملعون
رفضت دار الإفتاء المصرية الفتاوى التى خرجت بأن والدى الرسول صلى الله
عليه وسلم من المشركين وأنهما فى النار، حيث قالت الدار فى بحث لأمانة
الفتوى أعادت نشره برقم (2623 ) أن الحكم فى أبوَى النبى صلى الله عليه
وسلم أنهما ناجيان وليسا من أهل النار، وقد صرح بذلك جمع من العلماء، وصنف
العلماء المصنفات فى بيان ذلك، منها: رسالتا الإمام السيوطى "مسالك الحنفا
فى نجاة والدَى المصطفى" و"التعظيم والمِنّة بأنَّ والدَى المصطفى فى
الجنة".
وأضافت أمانة الفتوى أن الطبرى أورد فى تفسيره عن ابن عباس –رضى الله
عنهما- أنه قال فى تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ
فَتَرْضَى}[الضحى: 5]، قال: "مِن رِضا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- أن
لا يَدخُل أحدٌ مِن أهل بيته النار".
وقالت الفتوى الطريق الثانى الذى سلكه القائلون بنجاة أبوَى النبى-صلى الله
عليه وآله وسلم: أنهما ناجيان؛ لأنهما لم يثبت عنهما شرك، بل كانا على
الحنيفية دِين جدهما إبراهيم- عليه السلام-، ولقد ذهب إلى هذا القول جمعٌ
من العلماء منهم الفخر الرازى فى كتابه "أسرار التنزيل".
واستدل أهل هذا الطريق بقوله تعالى: {الَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ *
وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ}. [الشعراء: 218، 219]، أى أنه -صلى الله
عليه وآله وسلم- كان يتقلب فى أصلاب الساجدين المؤمنين مما يدل على أن
آباءه لم يكونوا مشركين، قال الرازى: "قال -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لَم
أَزَل أُنقَلُ مِن أَصلابِ الطّاهِرِينَ إلى أَرحامِ الطّاهِراتِ))، وقال
تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}. [التوبة: 28]، فوجب ألا يكون
أحدٌ مِن أجداده -صلى الله عليه وآله وسلم-مشركًا".
وأنهت أمانة الفتوى بحثها بتوجيه النصيحة لشباب الدعوة إلى الله أن يتقوا
الله فى الأمة ولا يبالغوا فى إطلاق الأحكام قبل الفهم والبحث، وإن ضاقت
بهم ملكاتهم العقلية والعلمية فقد وصف لهم رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- الدواء مِن هذا المرض فقال: ((إنَّما شِفاءُ العِى السُّؤالُ))،
فعليهم سؤال أهل العلم بدلا مِن إيقاع أنفسهم فى اللعن والخروج من رحمة
الله بالتعدى على جناب الحبيب- صلى الله عليه وآله وسلم، وأضافت أن القاضى
أبا بكر بن العربى أحد أئمة المالكية سُئِل عن رجل قال: إنّ أبا النبى-صلى
الله عليه وآله وسلم- فى النار، فأجاب بأن مَن قال ذلك فهو ملعون؛ لقوله
تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}.
[الأحزاب: 57]. قال: "ولا أذًى أعظم مِن أن يقال عن أبيه إنه فى
النار".فليتقوا الله وليخشوا لَعنَه وإيذاءَ حبيبه -صلى الله عليه وآله
وسلم- المستوجب للعن فاعله، ونصيحتنا لهم أيضًا بألا يشغلوا الأمة بخلاف لا
طائل مِن ورائه.